نبذة مختصرة عن حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله               ولادة الرسول الأكرم ومنطلقات الوحدة الإسلامية               النبوة لطف               التربية بالقدوة الحسنة               عملي وعملكم                كلّا إنّها كلمة هو قائلها                 الله والتغيير                التربية بالقدوة الحسنة                القرآن وتربية الإنسان                 الشّباب ووقت الفراغ               
  الرئيسية
  من نحن ؟
  من خدماتنا
  مواقع مهمة
  كشوف مالية بمساعداتنا
  المكتبة
  أنشطتنا
  المساهمات الخيرية
  الركن الاجتماعي
  أسئلة وأجوبة
  معرض الصور
  بحوث ومقالات
  اتصل بنا
 
عدد الزوار
186388
بحوث ومقالات > بحوث ومقالات عامة
 
 
النبوة لطف
مكتب الشؤون الفقهية بأوقاف اللواتية - 2024/09/01 - [المشاهدات : 581]
 

النبوّة لطف

إنّ الانسان مخلوق غريب الأطوار، معقَّد التركيب في تكوينه وفي طبيعته وفي نفسيّته وفي عقله، بل في شخصية كلّ فرد من أفراده، وقد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة، وبواعث الخير والصلاح من جهة أخرى (1).

فمن جهة قد جُبل على العواطف والغرائز من حب النفس، والهوى، والاثرة، وإطاعة الشهوات، وفطر على حب التغلُّب، والاستطالة، والاستيلاء على ما سواه، والتكالب على الحياة الدنيا وزخارفها ومتاعها كما قال تعالى:﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ (2)، و﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ ﴾ (3)، و﴿ ... إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ... ﴾ (4) إلى غير ذلك من الآيات المصرِّحة والمشيرة إلى ما جُبلت عليه النفس الاِنسانية من العواطف والشهوات.

ومن الجهة الثانية، خلق الله تعالى فيه عقلاً هادياً يرشده إلى الصلاح ومواطن الخير، وضميراً وازعاً يردعه عن المنكرات والظلم ويؤنبه على فعل ما هو قبيح ومذموم.

ولا يزال الخصام الداخلي في النفس الانسانية مستعراً بين العاطفة والعقل، فمن يتغلَّب عقله على عاطفته كان من الأعلين مقاماً، والراشدين في انسانيتهم، والكاملين في روحانيتهم، ومن تقهره عاطفته كان من الأخسرين منزلة، والمتردّين إنسانية، والمنحدرين إلى رتبة البهائم.

واشد هذين المتخاصمين مراساً على النفس هي العاطفة وجنودها، فلذلك تجد أكثر الناس منغمسين في الضلالة، ومبتعدين عن الهداية، بإطاعة الشهوات، وتلبية نداء العواطف ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ (5).

على أنّ الانسان لقصوره، وعدم اطّلاعه على جميع الحقائق، وأسرار الأشياء المحيطة به، والمنبثقة من نفسه، لا يستطيع أن يعرف بنفسه كل ما يضرّه وينفعه، ولا كل ما يسعده ويشقيه؛ لا فيما يتعلَّق بخاصّة نفسه، ولا فيما يتعلّق بالنوع الانساني ومجتمعه ومحيطه، بل لا يزال جاهلاً بنفسه، ويزيد جهلاً، أو ادراكاً لجهله بنفسه، كلّما تقدّم العلم عنده بالأشياء الطبيعية، والكائنات المادية.

وعلى هذا، فالإنسان في أشدّ الحاجة ليبلغ درجات السعادة إلى من ينصب له الطريق اللاحب، والنهج الواضح إلى الرشاد واتّباع الهدى؛ لتقوى بذلك جنود العقل، حتى يتمكن من التغلب على خصمه اللَّدود اللجوج عندما يهيئ الانسان نفسه لدخول المعركة الفاصلة بين العقل والعاطفة.

وأكثر ما تشتد حاجته إلى من يأخذ بيده إلى الخير والصلاح عندما تخادعه العاطفة وتراوغه ـ وكثيراً ما تفعل ـ فتزيِّن له أعماله، وتحسّن لنفسه انحرافاتها؛ إذ تريه ما هو حسن قبيحاً، أو ما هو قبيح حسناً، وتلبس على العقل طريقه إلى الصلاح والسعادة والنعيم، في وقت ليس له تلك المعرفة التي تميّز له كلّ ما هو حسن ونافع، وكل ما هو قبيح وضار. وكل واحد منّا صريع لهذه المعركة من حيث يدري ولا يدري، إلاّ من عصمه الله.

ولأجل هذا يعسر على الانسان المتمدِّن المثقَّف ـ فضلاً عن الوحشي الجاهل ـ أن يصل بنفسه إلى جميع طرق الخير والصلاح، ومعرفة جميع ما ينفعه ويضرّه في دنياه وآخرته، فيما يتعلَّق بخاصة نفسه أو بمجتمعه ومحيطه، مهما تعاضد مع غيره من أبناء نوعه ممّن هو على شاكلته وتكاشف معهم، ومهما أقام بالاشتراك معهم المؤتمرات والمجالس والاستشارات.

فوجب أن يبعث الله تعالى في الناس رحمة لهم ولطفاً بهم ﴿ ... رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ... ﴾ (7)، وينذرهم عمّا فيه فسادهم، ويبشّرهم بما فيه صلاحهم وسعادتهم.

وإنّما كان اللطف من الله تعالى واجباً، فلأنّ اللطف بالعباد من كماله المطلق، وهو اللطيف بعباده الجواد الكريم، فإذا كان المحل قابلاً ومستعدّاً لفيض الجود واللطف، فإنّه تعالى لا بد أن يفيض لطفه؛ إذ لا بخل في ساحة رحمته، ولا نقص في جوده وكرمه.

وليس معنى الوجوب هنا أنّ أحداً يأمره بذلك فيجب عليه أن يطيع تعالى عن ذلك، بل معنى الوجوب في ذلك هو كمعنى الوجوب في قولك: إنّه واجب الوجود (أي اللزوم واستحالة الانفكاك) (7).

__________________________

1-فقد قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ القران الكريم: سورة الشمس (91)، الآية: 7 و 8.

-2القران الكريم: سورة العصر  (103)، الآية: 2.

3-القران الكريم: سورة العلق (96)، الآية: 6 و 7.

4-القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 53.

5-القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 103.

6-القران الكريم: سورة الجمعة (62)، الآية: 2.

7-المصدر: كتاب عقائد الإمامية، للشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله.

 
 
أضف تعليقاً
الاسم
البريد الإلكتروني
التعليق
من
أرقام التأكيد Security Image
 
 
 
محرك البحث
 
القائمة البريدية
 
آخر المواقع المضافة
موقع مكتب آية الله العظمى السيد الشبيري الزنجاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشّاهرودي
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دام ظله
موقع سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
 
آخر الصور المضافة
 
آخر الصوتيات المضافة
الإمام المجتبى عليه السلام بين حكم التاريخ وحاكميته
ضوابط قرآنية في حل المشكلات
الإمام الصادق عليه السلام ومحاربة الإنحراف
من ثمار التقوى
وقفات مع علم النفس القرآني
 
آخر الكتب المضافة
العبادة والعبودية
آية التطهير فوق الشبهات
إرشاد الحائر إلى صحة حديث الطائر
حديث الغدير فوق الشبهات
رسالة مختصرة في الفطرة والمشكلة الإنسانية
 
آخر الأسئلة المضافة
س:

  هل یجوز للرجل الزاني الزواج بابنة المراة التي زنا بها؟

ج:

  یجوز والاحوط استحباباً تركه.